الخميس، 19 فبراير 2009

حصان خشب



(حصان خشب
رجليه خشب
لكن العجيبة والعجب
انه يحاول الهرب
)علي سلامة

سمع النداء الذي اعتاده(بوسطة..بوسطة)لم يلتفت،ظل منشغلاً بمذاكرة جدول (6)،فتحت أمه الباب .أعطاها
البوسطجي مظروفاً ومضي بلا كلام_حتي هو كفَّ عن المطالبة ب(الحلاوة)كلَّما جاء لهم بخطاب_أغلقت الباب،ألقت
بالخطاب الي أحد الأركان.
-لمَّا أختك تيجي قللها تقراه.
تابع مذاكرته دون أن يهتم،قديماًكان يجري إلي الباب..يخطف الخطاب،يتحسسه بأنامله الطفلة،يشمه،يضمه لصدره
ويهمس (بابا) ،تخطفه أخته الكبري ،تبدأفي القراءة لتخبو الفرحة من وجهها،وتضعه جانباً،
يتساءل:-من بابا؟
-لا ..من خالك حسن.
-و بابا….؟
تداري أمه دمعاً وتجيب:
-بكرة يبعت يا بني …بكرة يبعت.
و كان (بكرة)بعيداً جداً….كان يكتب لأبيه خطابات كثيرة..أخبره أنه كبر الآن،انه في (تالتة ابتدائي)أنه يحفظ جدول
الضرب لحد جدول ستة..حكي له أن (أبلة فاطمة ) كلمتهم عن الخيول و حين أخبرها أن لديهم صورة لأبيه يركب
حصاناً قالت له أن أباه فارس.
كانت الصورة الوحيدة التي رأي فيها أباه…هو أيضاً حين يكبر سيصير فارساً مثل أبيه.
حكي له أيضاً عن أحمد الولد الذي يضايقه في المدرسة ويقول له(أبوك طفش)كان يعود للبيت باكياً يحكي لجدته
فتحتضنه جدته وتبكي.
يربت علي كتفيها ويقول:
-ما تعيطيش يا ستي بابا راجع و حيجيبلنا معاه حاجات كتير أنا امبارح كتبتله جواب وقلتله يجيبلي معاه حصان خشب
وهخليكي تركبيه ونسافر بيه نروح الكعبة ..مش انتي عايزة تروحي هناك؟.
كانت تضحك وتضمه إلي صدرها ،لكنها ماتت منذ عام وأبوه لم يأتِ ولم يبعث الحصان الخشب.

كلام كثير حكاه في خطاباته.
كان يضع الخطاب في المظروف الأبيض،ويسأل أمه عن العنوان،فتهرب عيناها منه.يفكر قليلاً ثمَّ يكتب..

(إلي أبي…من إبراهيم)

قطع خواطره صوت طرقات علي الباب.. عادت أخته من عملها .أخبرتها أمه عن الخطاب..(أكيد من خالي حسن)

التقطته،نظرت إلي المظروف.
-الجواب ده من هناك ..من..بابا.
تركت أمه المطبخ،وترك هو جدول الضرب،
تفضّ أخته المظروف بأصابع مرتعشة..تقرأ(بيقول انه راجع قرَيِّب)يشدُّ ثوبها ويسأل:
-هيجيبلي معاه الحصان الخشب؟
لم تجبه انشغلت مع أمها في الحديث عما سيحضره من هناك..التكييف..الريسيفر..وربما سيارة…
-والحصان الخشب…؟
لم يجبه أحد …علي الجدار كانت صورة فارس..
لم يكن أبيه ..ولم يكن حصانه خشبيا.
(برواز حكاوى)
كامليــــــا حسين